الاثنين، 16 مارس 2020

أكره زوجي لأنه خائن وأجبرت عليه

أكره زوجي لأنه خائن وأجبرت عليه
أكره زوجي لأنه خائن وأجبرت عليه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا متزوجة منذ 6 أشهر .. اشتقت لأهلي كثيرا لأني في مدينة وهم في مدينة.
و المشكلة هي أني أكره زوجي كرها لا يتصوره أي إنسان، واعتبر نفسي أتعس زوجة عرفتها البشرية. هذا الكره لأسباب.
السبب الأول: هو أني أجبرت عليه.
والسبب الآخر لأنه يخونني، وفي مرات عدة أواجهه ولكنه ينكر ويحلف على نفسه وعلى والديه.
ومن كثر الحلف أصبح يكرهني لأنه يدعي على نفسه بالكذب.
أريد حلا لأني أموت في اليوم أكثر من 100 مرة، وشكرا.

الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
أما بعد...
ابنتي الحبيبة:
رسالتك مختصرة جدا أشبه بتلغراف أو برقية من بضع كلمات لا تضعني أبداً أمام رؤية واضحة حتى أعرف الداء وأشخص الدواء، ولكني سأحاول جاهدة أن أقرأ ما بين سطورك القليلة حتى أضيء لك نورا على القرار الذي ستتخذينه أنتِ بإرادتك وستكونين أيضا أنتِ المسؤولة عنه والله المستعان.
ابنتي العاقلة:
تقولين أنك تعتبري نفسك أتعس زوجة عرفتها البشرية، وعللتِ ذلك بسببين أولهما أنك أُجبرتِ على الزواج... وهنا أسألك : كيف لفتاة متعلمة وحاصلة على شهادة جامعية تُجبر على الزواج ؟! أم يكن لك رأي في هذا الزواج؟ ولماذا لم تعترضي وتصري على موقفك من رفض هذا الزوج؟ أم أنك فقط أظهرتِ مجرد تمنع وتركتِ الأمور تسير كيفما يترائي للأهل وأنتِ لا تعترضي؟ فهناك فرق، بين الإصرار على رفض هذه الزيجة، وبين التمنع مع عدم إظهار الرفض ...الفرق كبير جدا.
فالزواج رابطة عظيمة وميثاق غليظ، قال تعالى : " وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا " ، فعظم الله شأن الزواج لأسباب كثيرة منها :
1 ـ بالزواج تستمر الحياة وتعمر الأرض.
2 ـ بالزواج تسكن النفس وتحيى في رحمة ومودة، فالزواج هو سكن ودفء ومودة، وحنان وعطف ورحمة وأنس، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لّتَسْكُنُوَاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مّوَدّةً وَرَحْمَةً إِنّ فِي ذَلِكَ لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ) .
3 ـ بالزواج يتم استحلال ما كان قبل ذلك محرما، فالزوج كان يحرم عليه النظر والمعاشرة قبل الزواج والمرأة كذلك، فأبيح لهما ذلك بكلمة الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لهذه الأسباب وأكثر ... كان الزواج ميثاقا غليظا ..
فالزواج هو حياة وارتباط روحي ووجداني ، لهذا لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يجبر إنسان على حياة لا يريدها .
والشريعة الإسلامية جاءت لتحفظ حق المرأة في الموافقة على الزواج والرضا عمن تقدم خاطباً لها. فالمرأة الثيب أي التي سبق لها الزواج تُستأمر، ويجب أن تكون موافقتها صريحة بكلامها.
أما الفتاة البكر وهي التي لم يسبق لها الزواج فإنها تستأذن، وإذن البكر صمتها، فسكوتها علامة الرضاء وعدم الاعتراض. وذلك لأن البكر تستحي لعدم خبرتها بالرجال إلا أن الشرع الحنيف أعطاها هذا الحق، والدليل ما ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : يا رسول الله إن البكر تستحي قال رضاها صمتها . فمع كون البكر تستحي إلا أن الشرع لم ينفي حقها في الاختيار وجعل علامة ذلك الصمت، فإن صمتت البنت عند سؤالها عن رأيها في زوجها من فلان؛ فإن هذا الصمت يعتبر منها رضا .
فالإجبار على الزواج لا يجوز وليس للأب ولا للأم أن يجبرا ابنتهما على الزواج بمن لا تريد، ولو كانت بكرا، لأن من شروط صحة النكاح الرضا، والدليل على هذا أحاديث منها : حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تُنكحُ الأيم حتى تُستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن " فقالوا : يا رسول الله فكيف إذنها ؟ قال " أن تسكت " متفق عليه .وروى أبو داود وابن ماجة : عن ابن عباس : أن جارية بكرا زوَّجها أبوها وهي كارهة ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوَّجها وهي كارهة ، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم . وفي سنن النسائي عن عائشة أن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته وأنا كارهة. قالت: اجلسي حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها ، فقالت : يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن أعلم النساء من الأمر شيء، وفي رواية مسند أحمد قالت : ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء . فإن لم يستأذن الولي موليته في شأن زواجها ؛ فهو عاص ٍٍ لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
والفتاة إن شاءت رضيت بما اختاره لها وليها ، وإن شاءت رفعت أمرها للقاضي .
وكما أعطي الشرع للفتاة الحق في قبول أو رفض الخاطب جعل لموافقة وليها على عقد زواجها اعتباراً هاماً. إذن الشريعة الإسلامية جاءت متوازنة تماما في هذا الأمر وأعطت كل طرف حقه من أجل صيانة هذه الحياة الجديدة وحفظها من الفشل.
ابنتي العاقلة:
بدأتِ رسالتك بكلمة استوقفتني كثيرا وأخذت أتأملها وهي قولك : .. اشتقت لأهلي كثيرا.. وشعرت أنني أمام فتاة راشدة لم تُفطم من أهلها بعد، وأنّ سبب هذه الحياة التعيسة التي تقولين أنك تعيشينها هو هذا الاشتياق الجارف للأهل، وأنا أقدر فيك هذا الحب وهذا الاشتياق ، ولكن ألم تعلمي – ابنتي العزيزة- أن الزواج حياة جديدة ومستقلة عن الأهل وأنّ زوجك اليوم هو أهلك وأحبابك وأصحابك وهو كل حياتك ودنيتك ، وهو حاضرك ومستقبلك؟؟ فلماذا هذا الإحساس ؟؟
أما تعلمي أن وسائل الاتصال قد تطورت وصار بالإمكان التحدث للأهل في أي وقت تشائين ، بالصوت والصورة وبدون أي تكلفة، فلماذا لا تلجئي لهذه الوسائل الحديثة لتروي عطشك وتُهدئي روعك ، فتستقر حياتك وتسكن نفسيتك؟ جربي وستجدي ما يعوضك حرمان الأهل وافتقادهم .
ابنتي الغالية... السبب الثاني والذي جعلك تشعرين بالتعاسة أنك تقولين أن زوجك يخونك ، وأنا أستغرب من هذا الكلام ، هل لديك دليل واضح علي هذه الخيانة أم أنه مجرد ظن؟! أعتقد أن الأمر بالنسبة لك مجرد ظن لا يرقي للحقيقة أبدا .. وأتخيل أن الفراغ الذي أنتِ فيك قد صور لك أوهاما أخذت تتمدد بفعل الشعور السلبي الذي سيطر عليك تجاه زوجك حتى ملء عليك حياتك ، حتى صرتِ كالمحقق الذي يستجوب المتهم ( زوجك) كلما غدا أو راح فانقلبت حياتكما بفعل هذا الشك جحيما لا يطاق، كيف يستطيع الزوج تحمل عدم الثقة ومداومة استجوابه بهذه الطريقة؟؟
ابنتي العزيزة... عليك باستخارة الله في هذا الزواج، وأن تحسمي أمرك قبل إنجاب الأبناء، وإن لم تستطيعي تقبل زوجك على ما هو عليه وتتعاملي معه على أنه قدرك ونصيبك وتعتبريه زوجك وحبيبك الدائم في الحاضر والمستقبل، إن لم تستطيعي ذلك فقد كفل لك الإسلام الحق في طلب الطلاق، ولكن تبقى مسألةٌ أخرى أهم من ذلك، وهي: هل الطلاق هو الحل الأمثل والأفضل فعلاً؟ ثم ماذا بعد الطلاق؟ حكمي عقلك جيدا وكوني مسئولة عن قرارك.
وأخيرا ... أتمنى من الله تعالى أن ينير بصرك وبصيرتك وأن يوفقك في اتخاذ القرار الصائب الذي يريحك ويرزقك حياة هانئة مستقرة وسعيدة و طمنينا على أخبارك.

شاركي تعليقك ورأيك ياعزيزتي
التعبيراتالتعبيرات